لسنوات عديدة تمَّ استخدام إحدى البوليمرات الكيماوية وهي البولي ستيرين (Polystyrene) في صناعة أكواب القهوة والشاي والكولا البلاستيكية، وهذا النوع من البوليمرات يتميز بقدرته على المحافظة على درجة حرارة السوائل سواء أكانت ساخنة أم باردة، ويبدو أن هذه الفكرة قد استوحاها بعض العلماء مؤخرًا في صناعة بعض البطاريات باستخدام بوليمرات الـ Polystyrene.
ففي لوس آلاموس في ولاية نيومكسيكو الأمريكية وتحديدًا في المعمل المركزي بالولاية، يعكف العلماء حاليًا على إنتاج نوع جديد من البطاريات والتي تعتمد على بوليمرات الـ Polystyrene، والتي من المتوقع استخدامها لتوليد الطاقة والتي يمكن استخدامها في أي شيء بدءاً من السيارة وحتى المحمول.
والمشروع هو ثمرة تعاون بين توم ماير والفريق المعاون له من لوس آلاموس، للوصول لمواد بسيطة تقوم بتخزين الطاقة الشمسية، كما يفعل النبات حيث يقوم بتخزين الطاقة الشمسية على هيئة روابط كيميائية.
فمن المعروف أن الخطوة الأولى في عملية التمثيل الضوئي Photosynthesis هو امتصاص الفوتون (Photon) وهو جزيء الضوء بواسطة هوائي النبات والمسمى الكلوروفيل (المادة الخضراء)، وتستخدم هذه الطاقة في دفع وتحفيز الإلكترونات حول الروابط الكيمائية لجزيئات الكلوروفيل، والنتيجة هي انتزاع إلكترونات من جزئيات الماء؛ لتكوين الأكسجين الذي يتم دمج ذراته مع ذرات الكربون لتكوين سكريات عالية المحتوى من الطاقة.
وقد قام ماير وفريقه بالفعل بتقليد جميع هذه الخطوات في المعمل باستخدام جزئيات من مواد مختلفة تتفاعل مع ذرات معدن الـ Ruthenium.
وفي تجربته الأخيرة قرر ماير أن يتم دمج ذرات الـ Ruthenium على سطح أحد البوليمرات، ونظرًا لأن بوليمرات البولي ستيرين شائعة الاستخدام ومعروفة كيمائيًّا، تم استخدامها في التجربة مما أدى إلى الحصول على نتائج مذهلة.
ولاستخدام هذه الجزئيات المتبلمرة من الـ Ruthenium والتي يعمل فيها الأخير عمل هوائي النبات (الكلوروفيل)، تمَّ عمل محلول من هذا المركب الكيمائي الذي يحتوي على الـ Ruthenium والـ Polystyrene، وتم تمرير شعاع من الليزر خلال هذا المحلول، حيث وجد أن الـ Ruthenium قد أفلح في امتصاص الطاقة الضوئية وتمريرها عبر سلسلة البولي ستيرين، وعند مرور الطاقة خلال مجموعة أخرى من بوليمر الـ Ruthenium/Polystyrene أدى إلى تحفيز الإلكترونات من مكان لآخر، كما يحدث بين قطبي أي بطارية، أي الكاثود Cathode والآنود Anode، وهي الفكرة التي يقوم عليها عمل أي بطارية ويرى مايكل فازيلفزسكي - وهو كيمائي متخصص في علم النبات من جامعة نورث ويسترن بشيكاغو - أن استخدام ماير لهذا البوليمر هو مفتاح نجاح مثل هذه التجربة، والتي يتنبأ لها بنجاح كبير عند تطبيقها عمليًّا، ونظرًا لرخص مادة البوليستيرين، فإن ماير يعقد آمالاً كبيرة على هذا البوليمر في تصنيع خلايا شمسية كمصدر للطاقة، والتي يمكن عن طريقها انتزاع إلكترونات من جزئيات الماء لتصنيع الهيدروجين كمصدر للطاقة أو لإنتاج تيار كهربي.
ويعكف حاليًا ماير ومجموعة البحث على زيادة كمية الطاقة المنتجة عن طريقة بطاريات البولي ستيرين، إلا أن هناك المزيد من العمل الشاق لكي يتم إنتاج مثل هذه البطاريات كما يقول ماير على نطاق كبير.
يذكر أن نتائج هذا البحث تم نشرها بشكل تفصيلي في مجلة:
“Proceedings of the Natural Academy of Sciences”
الخميس أغسطس 14, 2008 10:50 pm